الهيمنة الأمريكية شِعارات إنسانية.. وحروب تدميرية

بقلم/ إبراهيم الحبيشي:
منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، سيطرت الولايات المتحدة على المشهد العالمي كقوة عسكرية واقتصادية لا تُضاهى. لكن هذه الهيمنة لم تنتج استقرارا عالميا، بل أسهمت عبر سياساتها العدوانية في تأجيج النزاعات وتفكيك الدول. فبين دعم الأنظمة الديكتاتورية حين تخدم مصالحها، وتدمير دول بأكملها تحت شعارات إنسانية زائفة، تظهر واشنطن كأكبر معطل للسلام العالمي. هذا التناقض بين الخطاب البراق والممارسات الدموية يلقي بظلاله على كل تدخل أمريكي، من العراق إلى أفغانستان، وفلسطين إلى أمريكا اللاتينية.
لا تختلف الاستراتيجية الأمريكية في تبرير تدخلاتها عن أساليب القوى الاستعمارية التقليدية، حيث تخفي أطماعها وراء شعارات براقة مثل “نشر الديمقراطية” و”مكافحة الإرهاب”. والأمثلة تكشف الزيف
ففي العراق عام 2003 كشفت أكذوبة “أسلحة الدمار الشامل” زيف الادعاءات، لكن الكارثة الحقيقية كانت في تفكيك الدولة العراقية، مما فتح الباب لموجات عنف طائفية وولادة تنظيمات أرهابية مثل داعش.
وفي أفغانستان خلال الاعوام من 2001-2021 بعد عقدين من الاحتلال، انسحبت واشنطن تاركة وراءها مجتمعا منهارا واقتصاد مدمر بينما عادت طالبان إلى السلطة، مما يؤكد فشل المشروع الأمريكي. كما حصل في ليبيا عام 2011 عندما تحولت “المهمة الإنسانية” إلى فوضى دموية، حيث سقط النظام دون خطة لمرحلة ما بعدالقذافي، مما أدخل البلاد في حروب أهلية لا تزال مستمرة.
أن هذه النماذج تؤكد أن الهدف الحقيقي كان الهيمنة وليس التحرير، حيث تركت الشعوب تدفع الثمن بينما حصدت الشركات الأمريكية والتحالفات العسكرية الموارد والنفوذ.
في نفس الوقت بينما ترفع واشنطن شعارات العدالة وحقوق الإنسان، تتحول إلى شريك رئيسي في جرائم الكيان الصهيوني عبرالتمويل العسكري بأكثر من 3.8 مليار دولار سنويًاتستخدم في قصف المدنيين الفلسطينيين وهدم منازلهم.
علاوة على ذالك أن الفيتو الأمريكي المتكرر في مجلس الأمن يحمي إسرائيل من المحاسبة على انتهاكات القانون الدولي، وصفقات التطبيع مثل “إبراهام” التي هدفت إلى شراء ذمم الأنظمة العربية لتصبح شريكا في جرائم الاحتلال.
أن هذا الدعم يجعل الولايات المتحدة شريكا مباشرا في التطهير العرقي، ويكشف زيف ادعاءاتها بالدفاع عن حقوق الإنسان.
لم يقتصر التخريب الأمريكي على الشرق الأوسط، بل امتد إلى أمريكا اللاتينية وإفريقيا عبردعم الانقلابات كما حصل في تشيلي عام 1973ضد أليندي، أو بوليفيا عام 2019 ضد موراليس، حيث تستخدم المخابرات الأمريكية لضرب أي نموذج مستقل.
فالحروب الاقتصادية والعقوبات على كوبا وفنزويلا والتي سببت معاناة إنسانية مروعة كانت تهدف الى دفع الشعوب إلى الخنوع.
أن هذه السياسات تؤكد أن واشنطن تحارب أي محاولة للخروج عن هيمنتها، حتى لو كان الثمن دمار دول بأكملها.
من ناحية اخرى تتحدث النخبة الأمريكية عن “القيم الليبرالية”، بينما سجلها حافل بالجرائم وخير شاهد مراكز التعذيب من أبو غريب إلى غوانتانامو، حيث أصبح التعذيب سياسة معلنة.
وأيضا الاغتيالات بالطائرات المسيرة كما في غارة كابول عام 2021 التي قتلت عائلة أحمد جمعة دون ذنب.
وتقوم بتمويل الجماعات الإرهابية والمتطرفة في سوريا وليبيا واليمن وغيرها مما أسهم في إطالة أمد الازمات
إن هذه الممارسات تنسف مصداقية أي خطاب أمريكي عن الديمقراطية وتكشف أن الشعارات مجرد غطاء لأجندة الهيمنة
اوكل ذالك يؤكد أن التدخلات الأمريكية ليست “أخطاء عرضية”، بل جزء من استراتيجية استعمارية جديدة. ومواجهتها تتطلب:
فضح التناقضات الأمريكية عبر إعلام مستقل وشبكات تضامن دولية.
ومن خلال مقاطعة الآلة العسكرية الأمريكية برفض القواعد العسكرية والعقوبات الجائرة.
وتعزيز التكتلات المستقلة لدول العالم لخلق عالم متعدد الأقطاب. كما قال المفكر نعوم تشومسكي الولايات المتحدة تدعم الديمقراطية فقط إذا كانت نتائجها مضمونة لصالحها لذا، فإن التحرر الحقيقي يبدأ برفض هذه الهيمنة وبناء البدائل.



