حرب الولايات والأمم على لبنان…

شوقي عواضة:

فشلت كلّ المحاولات الأميركيّة «الإسرائيليّة» في تحويل لبنان إلى متراس لحماية الكيان بالرّغم من كلّ الضغوط التي مارستها واشنطن من خلال نائبة مبعوث الرئيس الأميركي للشّرق الأوسط مورغان أورتاغوس، وبالرّغم من كل الأرهاب الذي مارسه العدوّ «الإسرائيلي» من خلال استمراره في خرق اتفاق وقف إطلاق النار واستهداف العديد من المناطق في جنوب لبنان والبقاع والضاحية الجنوبيّة التي تعرّضت لأكبر هجومٍ تشنّه طائرات العدوّ منذ ما بعد اتفاق وقف إطلاق النار.
كلّ هذه الضّغوط لم تثنِ لبنان عن التمسّك بمواقفه الوطنيّة الثّابتة التي تجلّت خلال عمليّة العدوان الأخير على الضاحية الجنوبيّة التي أظهرت وحدة الموقف اللّبناني الرّسمي بدءاً من رئاسة الجمهورية وإعلان الرّئيس جوزاف عون أنّ لبنان لن يرضخ لتهديدات العدوّ إضافة إلى مواقف القوى والأحزاب اللّبنانيّة التي عبّرت عن دعمها لمواقف لبنان الثّابتة وحقّه في التصدّي للاحتلال الإسرائيلي.
ضغوط عسكريّة إسرائيليّة وأخرى ديبلوماسيّة أميركيّة لم تنتج سوى المزيد من الصّلابة في الموقف اللّبناني. وإزاء ذلك تعمد الولايات المتحدة الأميركيّة والعدوّ «الإسرائيليّ» إلى الالتفاف على اتفاق وقف إطلاق النار الذي لم يلتزم به العدوّ الإسرائيلي أصلاً منذ إعلانه، في مشهدٍ جلي وواضحٍ يظهر أنّ الولايات المتحدة الأميركيّة ليست وسيطاً بل هي طرف في النّزاع يتبنّى وجهة نظر العدوّ الإسرائيلي، وهي لم توفّر جهداً في الضّغط على لبنان لتحويله إلى خط دفاع عن الكيان الصّهيوني ومحاولة تحويل جيشه إلى حارسٍ لحدود الكيان أيّ تحويله إلى (جيش لحد) رسميّ برعايةٍ دوليّةٍ أفشلت أحقيه مواقف لبنان ورئيسه وقائد الجيش التي شكّلت سدّاً منيعاً لتحطيم خطّة أميركا والكيان الصّهيوني ليلجأ الكيان الصّهيوني وأميركا إلى سيناريو جديد تحت عنوان عدم التّجديد لقوّات «اليونيفيل» ومنح العدوّ الإسرائيلي المزيد من الشّرعية لعدوانه على لبنان.
في هذا الصّدد كتب في معهد واشنطن العميد الصّهيوني المتقاعد والاستراتيجيّ المتخصّص بالشّؤون الدّفاعيّة أساف أوريون تحت عنوان «اليونيفيل» في مفترق الطّرق مقدّماً المزيد من التوصيات حول عمل قوّات اليونيفيل في جنوب لبنان منها ما يلي:
1 ـ على الحكومة اللبنانية أن تطلب رسمياً من «اليونيفيل» تنفيذ القرار 1701 واتفاقية وقف إطلاق النّار الحاليّة من خلال منعٍ استباقي ومستقلٍّ للكيانات غير الحكوميّة من امتلاك أو استخدام الأسلحة في جنوب لبنان.
2 ـ إعادة تنظيم ولاية القوّة وحجمها وقدراتها بشكلٍ حاد وتفعيل وظائف القيادة والسّيطرة والاتصال من خلال وحدة مراقبةٍ عسكريّة أقوى ونظام استخبارات مستقلٍّ بدون أعضاء لبنانيّين محليّين تشكّل قوّة ردّ فعلٍ سريعٍ.
3 ـ يجب على «لبنان» فرض حرّية وصول «اليونيفيل» إلى أيّ موقع ذي صلة، وإزالة جميع القيود الموجودة التي منعت القوّة من دخول أو حتى مراقبة العديد من مواقع «حزب الله» (مثل «الممتلكات الخاصة» التي يحدّدها «الجيش اللبناني» و»الطّرق الضيقة» و»مناطق الأهمية الاستراتيجيّة»).
4 ـ تفويض عمليات التّفتيش المشتركة بين «اليونيفيل» و»الجيش اللّبناني» في مناطق الاهتمام العالي وكذلك دوريات «اليونيفيل» غير المصحوبة لتدمير الأسلحة المحظورة بشكلٍ مستقلّ عند العثور عليها.
وفي نفس الإطار نقلت صحيفة «يسرائيل هيوم» الإسرائيليّة أنّ الولايات المتحدة وإسرائيل «قرّرتا إنهاء مهمّة اليونيفيل في الجنوب اللبنانيّ».
وهو ما يؤكّد استمرار الإدارة الأميركيّة في ممارسة المزيد من الضّغوط على لبنان لصالح كيان العدو الإسرائيليّ وبالتالي فهي تؤكّد تبنّيها لنظريّة العدوّ الإسرائيليّ وغير مؤهّلة لأن تكون وسيطاً في اتفاق وقف النّار وهذا ما سينجم عنه المزيد من التّصعيد الإسرائيلي تجاه لبنان برعاية أميركيّة فرنسيّة حيث أنّ اللّجنة الثلاثيّة تركّز في مهامها على الجانب اللبنانيّ وتغمض عينها عن خروقات العدو الإسرائيليّ. وما فشلت في تحقيقه الولايات المتحدة الأميركيّة بضغوطها السياسيّة على لبنان وما فشل الكيان من تحقيقه بعدوانه المتكرّر على لبنان عادوا في محاولة لتحقيقه عبر بوابة اليونيفيل والتّهديد والتلويح بسحبها رغم أنّ وجود هذه القوّات منذ عام 1978 بقرارٍ دولي لم يكن إلّا خدمة للكيان بل إنّها عجزت عن حماية اللبنانيّين وما حصل في مجزرة قانا خير شاهد على ذلك، بل إنّها لم تكن قادرةً على حماية نفسها من العدو «الإسرائيلي» أحياناً بدليل ما تعرّضت له من عدّة عمليّات عدوان خلال المواجهات الأخيرة حينها لم تعلُ أصوات السّياديّين مندّدة بالاعتداء الصهيونيّ على اليونيفيل داخل الأراضي اللبنانيّة ولم تدعُ هيئة الأمم لمحاسبة العدوّ باستهدافه مراكز اليونيفيل، بل إنّ دفاع اللبنانيّين عن حقوقهم ومنع قوّات اليونيفيل من الدخول إلى مناطق خارج نطاق عملها أثار غضب ترامب ونتنياهو وحرّك نخوة الأمم المتحدة.
وعليه فإنّ توسيع صلاحيات هذه القوّات ما هو إلّا قرار بإلحاقها بجيش العدو «الإسرائيلي» ووضع لبنان أمام خيارين أحلاهما علقم إمّا القبول بقوات احتلال «إسرائيليّة» بلباسٍ أمميّ ورعايةٍ دوليّة أو مواجهة غطرسة العدوان الأميركي «الإسرائيلي» بدعمٍ دولي أيضاً.

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق