عذرًا أبا عبيدة… فالعجز أوجعنا والقلب معكم

بقلم / إبراهيم الحبيشي
عذرا أبا عبيدة…
نكتب إليك لا لنحدثك بما تعرفه جيدا من خذلان الأنظمة، ولا لنضيف إلى جراحكم جرحا، بل لنقول لك من عمق وجعنا ومرارة صمتنا: سامحنا إن بدونا عاجزين، فوالله ما لان القلب يوما، وما خمدت جذوة الحنين للجهاد فينا، لكننا مكبلون بسلاسل القهر، محاطون بجدران الخيانة من كل صوب.
عذرا أبا عبيدة…
لقد رأيناك تطل من بين الركام، تحمل ملامح غزة كلها: الجوع، الحصار، الدموع المتحجرة في أعين الأطفال، والدماء التي ما جفت عن جبين المقاومة. رأيناك ناحل الجسد، ثقيل القلب، لكنك واقف، شامخ، تتحدث بلسان المقاتلين والشهداء والجرحى والأسرى، وتقسم أن النصر وعد لا يخلف.
خطابك الأخير لم يكن خطاب قائد عسكري فحسب، بل كان صرخة أمة، وعتاب دم، ورسالة تحد خطها رجل يسند الجبل لا العكس. حملت فيه على كتفيك هم غزة، وأظهرت للعالم أن ما من سلاح أقوى من إرادة شعب يقاتل بالحجارة ويهزم “عربات جدعون”.
نعم، نحن نعلم أنكم تقاتلون في ظل شحّ في كل شيء إلا الإرادة. وأنكم تصنعون من المستحيل بطولة، ومن التراب سلاحا، ومن الحصار كرامة لا تنكسر. ونعلم أيضا أن ما تقولونه عن “الاستنزاف” ليس ضعفا، بل حنكة العارف بأن النصر لا يأتي في عجلة، بل يصنع بالتضحيات، واحدة تلو الأخرى.
عذرا أبا عبيدة…
لو كان الأمر بأيدينا، والله ما بخلنا بدمائنا ولا بأرواح أبنائنا، فداء لغزة وأهلها، ولأقسمنا كما أقسمت أن الدم هو طريق الحرية، وأن الجوع أشرف من المذلة، وأن الموت في ساحات الشرف أكرم من العيش في كنف الخضوع.
وإن عجزت حكوماتنا وخانت أنظمتنا، فالأحرار في الأمة ما بدلوا تبديلا. ونحن في اليمن، من شمالة الى جنوبة ، نرفع لكم القبعات والدعاء، ونردد خلفكم في صمت الأحرار: “سيروا على بركة الله، فإن الله معكم ولن يتركم أعمالكم”. قيادتنا قالتها بوضوح: لستم وحدكم نحن معكم
عذرا أبا عبيدة…
لكن اعلم أن بيننا من يحمل همكم ليل نهار، من يتنفس القضية، من يدعو لكم في سجوده، ويعلم أبناءه أن رجال فلسطين لا يقاسون بالعمر، بل بالمواقف. وإن خذلكم العرب، فاعلم أن بين ظهرانينا من يفتخر بأنك ما زلت على عهد الشهداء، من الشقاقي إلى ياسين، ومن يحيى عياش إلى الرنتيسي
ومن نزار ريان إلى يحي السنوار ومحمد الضيف.
سر، يا فارس البيان، ومنارة الكرامة، وقل لهم: ما زلنا هنا، نقاتل ونحلم وننتصر.
وإن خانكم الزمان، فإن الله لا يخون، وإن أبطأ النصر، فإنه آت لا محالة.
عذرا أبا عبيدة… ولكن قلوبنا معكم وسيوفنا غمدها الزمان، لا نصل.

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق